✒️ مسارب الضي | د. محمد تبيدي
إنّ الفَنَّ إن ضاقَ صَدرُ الحُكمِ عنهُ *** تهاوى مجدُهُ وانطفأَ النُّورُ في فَنَنِهْ
فَرُدّوا الفَنَّ لأهلِ الوفاءِ فإنَّهُ *** لِسانُ الوَطنِ وحارسُ نَبضِ زَمَنِهْ
أصدر الفنان نجم الدين الفاضل، رئيس اتحاد المهن الموسيقية، قرارًا بفصل الفنان جمال فرفور بعد تصريحٍ ناريٍّ تكرر منه في محافل عدّة، قرارٌ أشعل الوسط الغنائي ولم يجد له مؤيداً واحداً، بل أثار موجة سخطٍ عارمة بين الفنانين والجمهور، لأن فرفور لم يكن مجرد فنانٍ عابرٍ في سماء الأغنية السودانية، بل رمزاً ارتبطت به أجيال، وامتد صوته كجسرٍ بين الماضي والحاضر.
إنّ جمال فرفور أحد الأصوات المخضرمة التي حفرت مكانها في ذاكرة الوطن، عاصر الكبار، وحمل شعلة الفن الأصيل في زمنٍ كاد فيه الضوء أن يخبو. يمتلك حسًّا فنياً راقياً يمكّنه من انتقاء الكلمة، وأدائها بصدقٍ يخرج من القلب ليستقر في الوجدان، فصوته حين يصدح بأغنيات الحقيبة، يبعث الروح في التراث ويجبر الأجيال على الإصغاء بخشوع.
أما الإنسان خلف الفنان، فهو جمال مصطفى فرفور الرجل الشهم، والمضياف، وصاحب الواجب، الذي فتح أبواب بيته وقلوبه لمحبيه. استقبلنا أكثر من مرة، وكنت وما زلت من أشد المعجبين به كفنانٍ وأخٍ وصديق. رغم مشاغل الحياة وتقدم العمر، ظل فرفور يستقبلنا بابتسامته المعهودة، لا يتكبر ولا يتعالى، وكأنّ الزمن لا يزيده إلا تواضعاً ودفئاً إنسانياً.
أتذكّر حين كانت ألبوماته شحيحةً في سوق الكاسيت، كان يهدينا نسخاً من مكتبته الخاصة بكرمٍ لا يُنسى، وكنا نتخطّى الأخ محمد عوض وكيله الفني ونذهب مباشرة إلى فرفور، ولم يزعجه ذلك يوماً، بل كان يستقبلنا برحابة صدرٍ وابتسامةٍ أكبر من الفن نفسه.
وكان يشاركنا في المبادرات الإنسانية، يتبرع بدخل حفلاته، ويساند المجتمع في الخير والفرح. جمع بين روح الفنان، وعطاء الإنسان، وحيوية الرياضي في الميدان.
ما قاله فرفور قد يكون حديثاً في خاطر كثير من الفنانين، لكنهم لم يمتلكوا شجاعته في البوح به، فهو صوتٌ صادقٌ حتى في لحظات الخلاف.
لذا، فإن رجائي لاتحاد المهن الموسيقية أن يراجع قراراته لا مجاملةً لفرفور، بل حرصاً على هيبة الاتحاد نفسه، حتى لا يفقد احترام من ينتمي إليه. فالفن لا يُدار بالعقوبة، بل بالحكمة، والنقد لا يُكافأ بالفصل، بل بالحوار.
وأنا سأكتب للوطن حتى أنفاسي الأخيرة
#شبكة_مسارب_الضي_الإخبارية
#جمال_فرفور
#اتحاد_المهن_الموسيقية
#دكتور_محمد_تبيدي
#الفن_السوداني
#الوطن_يجمعنا