تعرضت ميليشيا الدعم السريع إلى ضربة موجعة في مكان ما، خلال الأيام الماضية، وهي على الأرجح السبب في إجراء تغييرات في خطط التمرد لمواجهة طوفان متحركات الجيش، المتحفزة للهجوم، وذلك بالضرورة وراء قيام تنسيقية تقدم – حاضنة الجنجويد – بإعادة تسويق فكرة حكومة المنفى ونزع الشرعية من المؤسسة العسكرية، ما يعني أن ثمة هزيمة قد وقعت بالفعل، وتداعت على إثرها حجارة الدومينو في مناطق سيطرة الميليشيا، ما بين الهروب والاستسلام، أو الانتظار على “حافة الهاوية”.
ربط ولايات الوسط
بنظرة خاطفة لتطورات الأوضاع الميدانية سوف تظهر لنا سلسلة من الهزائم المتلاحقة التي تعرضت لها الميليشيا، بدءاً من عبور الجسور بولاية الخرطوم في سبتمبر الماضي، واستعادة أجزاء واسعة من منطقتي المقرن وبحري، إلى جانب الحصار المضروب على قوات التمرد في مصفاة الجيلي، وقيام القوات المشتركة بقطع سلاسل الإمداد في صحراء دارفور، والصمود الأسطوري للفاشر، لدرجة أنها أصبحت محرقة للغزاة، والأهم من ذلك عبور متحرك الصياد إلى بوادي كردفان، وكسر دفاعات الميليشيا هنالك، وإصابة قائدها شيريا، فضلاً على إعلان ولاية سنار شبه خالية من التمرد، والتحفز للانقضاض على مدينة ود مدني، وربط ولايات الوسط.
و من المهم الإشارة إلى أن ميليشيا الدعم السريع تعاني أزمة حادة في القيادة الميدانية، فبعد مقتل علي يعقوب أقوى قادتهم في دارفور، وكذلك عبد الرحمن البيشي، الذي نجح من خلال معرفته بالمنطقة في احتلال سنجة والتوغل في إقليم النيل الأزرق، كذلك مقتل المتمرد عبد المنعم شيريا قائد قطاع كردفان، وإصابة وهروب القائد الميداني حسين برشم في معارك أم روابة الآخيرة، والظهور الهزيل للواء عصام فضيل، والذي يعتبر بمثابة القائد الثالث في صفوف الجنجويد، وبدا كما لو أنه يعاني من مشكلة صحية أو ربما إصابة، فضلاً على انحياز أبو عاقلة كيكل إلى صف القوات المسلحة، وانخراطه في القتال ضد التمرد، مما سبب لهم صدمة كبيرة، ظهرت في حملات الانتقام ضد المواطنين العزل في منطقة شرق الجزيرة، ما يعني أن عثمان عمليات ربما يكون عالق الآن في خط الماء، ويدير المعركة من غرفة عمليات أوهى من بيت العنكبوت، ولذلك أخفقت كل محاولاته في احتلال منطاق جديدة، وتحولت استراتيجية الدعم السريع، أو من يقف خلفها، إلى تكثيف التدوين نحو الأحياء السكنية في أم درمان واستهداف ولاية نهر النيل والشمالية بالمسيّرات، وبعض تلك المسيّرات الاستراتيجية تنطلق من مطارات تشاد، وفقاً لما كشفته وزارة الدفاع، ما يعني أن كفيل التمرد قرر القتال بنفسه، بعد الإخفاقات اللوجستية، وفشل المرتزقة الذين زج بهم على الأرض في محاولة لتغيير المعادلة العسكرية.
ذلك النزيف المستمر يعني بصورة ما أنه – على الأرجح – لم يعد للمليشيا ما يكفي من القادة الميدانيين للدفع بهم في محاور القتال المختلفة، وربما هذا ما دفع رئيس تنسيقية تقدم عبد الله حمدوك إلى تكوين آلية لدراسة مقترح حكومة المنفى، وحشد الدعم لها، بعد أن تبنته رسمياً الجبهة الثورية المسلحة داخل تقدم، وأبرز الشخصيات التي تؤيد ذلك المقترح هم “الطاهر حجر، سليمان صندل، أسامة سعيد، طه إسحق، إبراهيم الميرغني وأخرين”.
الهروب إلى الخطة “ج”
بينما أرجع أنور شيبة وهو محارب سابق، الهزائم المتتالية التي تتعرض إليها الميليشيا إلى نضوب مورد المال و الرجال.
وقال إن التمرد سوف يتوجه إلى الخطه ج، وهى حرب المسيّرات، والمدفعية بعيدة المدى، أو الحرب الجبانة، حد وصفه، مؤكداً في تدوينة على صفحته بالفيسبوك أن هذه الخطة سوف تقلص الاهتمام بالمشاة لعزوفهم عن الفزع، وازدياد أعداد الهالكين، فضلاً على الآلاف من الجرحى ومبتوري الأطراف، وقد شعرت حواضن الميليشيا بأن الهزيمة واقعة لا محالة، وذلك بعد تأكدها من مقتل كبار القادة واختفاء آل دقلو من المشهد، فأحجمت عن القيام بارسال المزيد من المقاتلين.
وأضاف شيبة ” مع قرب اسدال الستار على مشهد الحرب العبثية، إلا أن الإمارات تصر علي المواصلة في الحرب والهروب للأمام خوفاً من الملاحقة الدولية وضغوط الأسرة علي الصبي الطائش، يقصد محمد ديبي، والبحث عن دور في التسوية القادمة ولكن هيهات”، مؤكداً أن هذا النوع من الحرب سوف يُحدث خسائر وسط المدنيين والعزل، وبالمقابل سوف يرتفع صوتهم بالمطالبة بالمزيد من الحسم.
الفصيل الآخير
عموماً فمن خلال العمليات التحضيرية والهجوم المتزامن وحصيلة قتلى طلعات الطيران، مخلفاً مئات القتلى وسط
ماهي الضربة الموجعة التي نفذها الجيش وافقدت عبدالرحيم دقلو أعصابه ….؟؟؟؟
..عزمي عبدالرازق
..القضارف : شبكة الوريفة الإخبارية
قوات التمرد، إلى جانب عبور الجيش لمعظم الجسور المهمة في الخرطوم، والسيطرة على نقاط حاكمة، وقطع الطريق الوحيد الرابط بين أم درمان والخرطوم أمام العدو، وهو كبري جبل أولياء، وتحييد القصر الجمهوري بكل رمزيته السياسية، وبالتالي يمكنك تخيل المشهد، قوات مشتتة، معزولة عن بعضها على مستوى المدن والولايات، أهم قادتها تحت التراب أو في المستشفيات، أو هربوا بعيداً، وقناصة في مباني تحت مرمى النيران، سوف يقتلهم الجوع والمرض، دعك مما تقوم به المدفعية الاستراتيجية، وسلاح المدرعات، وبداية العد التنازلي للالتحام الكبير، فإننا – على ما يبدو – أمام الفصل الأخير من معركة كسر العظم، والذي سوف تتضح حقيقته في الأيام المقبلة.