آخر الأخبار
اخبارك في موعدها

شيخ جمال :حب الوطن.. فطرة شرعية وواجب ديني

شبكة الوريفة الإخبارية

بقلم: إمام وخطيب جامع السوق الشعبي – ولاية القضارف

الحمد لله الذي جعل حب الوطن غريزة في الإنسان، وجعل الدفاع عنه شرفًا وكرامة، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين.

إن حب الوطن ليس مجرد شعور عابر أو عاطفة وقتية، بل هو جزء من الفطرة التي فطر الله الناس عليها، وهو أمر تدعمه الأدلة الشرعية والنصوص القرآنية والأحاديث النبوية. فالوطن هو الأرض التي نشأنا فيها، وهو المأوى الذي يحتضن ذكرياتنا، والمكان الذي نشعر فيه بالأمان والانتماء.

 

لقد كان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم مثالًا في حب الوطن، فقد خرج من مكة مكرهًا، لكنه لم ينسَها، ولم يغب حبها عن قلبه، وقال عند خروجه منها: “ما أطيبك من بلد وأحبك إليّ، ولولا أن قومي أخرجوني منك ما سكنت غيرك”. وهذا دليل على أن حب الوطن شعور أصيل في النفس البشرية، لا ينكره إلا جاحد.

 

وفي القرآن الكريم، نجد إشارة إلى أهمية الوطن والانتماء إليه، حيث يقول الله تعالى: “إِنَّ ٱلَّذِی فَرَضَ عَلَیۡكَ ٱلۡقُرۡءَانَ لَرَآدُّكَ إِلَىٰ مَعَادٍ” (القصص: 85). وهذه بشارة بعودة النبي صلى الله عليه وسلم إلى بلده مكة، التي أُخرج منها ظلمًا، مما يؤكد قيمة الوطن في الإسلام.

 

أيها الأحبة، إن الوطن ليس مجرد أرض نعيش عليها، بل هو مسؤولية وواجب، فمن حقوقه علينا أن نحافظ على أمنه واستقراره، وأن نسهم في بنائه ونهضته، وأن نكون دعاة خير وإصلاح فيه. كما أن من واجبنا تربية أبنائنا على حب أوطانهم، وغرس القيم السامية في نفوسهم، ليكونوا حصنًا منيعًا ضد كل فكر منحرف أو دعوة ضالة تهدف إلى زعزعة أمن البلاد واستقرارها.

 

ولنا في قصة الهجرة دروس عظيمة، فقد كان الصحابة رضوان الله عليهم مثالًا في التضحية من أجل الدين والوطن، فهاجروا من مكة إلى المدينة، لكنهم ظلوا يحملون الحنين لوطنهم، ولم ينسوا ديارهم، حتى إن النبي صلى الله عليه وسلم دعا الله أن يحبب إليهم المدينة كما أحبوا مكة.

 

إن حب الوطن لا يكون بالكلام والشعارات، بل بالعمل الصادق والجهد المخلص، والالتزام بتعاليم الدين، والإسهام في بناء المجتمع، والوقوف صفًا واحدًا في وجه كل من يريد الإضرار به.

 

نسأل الله أن يحفظ بلادنا وسائر بلاد المسلمين، ويعود النازحين الي ديارهم سالمين غانمين وأن يجعلنا من عباده الصالحين الذين يسهمون في رفعة أوطانهم، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

والحمد لله رب العالمين.

شاركـ علـى
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.