هكذا أمر دبر بليل …عندما كنا ضد شعار تسقط بس ..وكنت أنادي بأنه إذا لم يكن من الأمر بد فليكن السقوط بفهم ..لم أكن أدافع عن الكيزان ..لأنني كنت أنتقد بعض سلوكياتهم و فسادهم قبل قيام الثورة المصنوعة بوقت ليس بالقصير ..ومناداتي بالسقوط بفهم لم يكن من فراغ ..وإنما إستصحاب لتاريخ وقراءة لطبيعة المكون السوداني .. قبائل..عادات وتقاليد…إختلاف عرقي.. إثني ..ثقافي ..موروثات نفسية لدي الكثيرون ..ثم شواهد التغيير علي مر العصور في الأنظمة الحاكمة المتعاقبة على حكم السودان..ومنذ الإستقلال ..تجد أن السيناريو واحد …نظام حكم سواء كان ديمقراطي أو عسكري شمولي … يحكم سنين عددا ..تظهر بودار ضائقة معيشية من غلاء أسعار أو رفع دعم تؤثر على حياة المواطن ..يخرج المواطنون للإحتجاج تتبناهم مجموعة سياسية إنتهازية..وأنظمة ودول خارجية تتربص بالنظام القائم يتحول الأمر إلي ثورة لتغيير النظام ..غير أن التغيير الذي حدث هذه المرة كان أشمل برعاية وتمويل غير مسبوق ..فهو تغيير ديموغرافي يستهدف الشعب نفسه وتركيبته السكانية .. تغيير يدغدغ النزعات العرقية ويعمل على تأجيج صراع قبلي مناطقي يستهدف الهوية والنسيج الإجتماعي ..وهذا الترتيب لم يكن وليد لحظه وإنما سبقته دراسة متأنية لطبيعة المجتمع والنفس البشرية السودانيه …وعندما كنا نقول بالمؤامرة كان البعض يحسبها نظرية .. عند رصدي للأحداث أيام إعتصام القيادة ..ومحاولة صناع الثورة تصوير المعتصمون كمجتمع مصغر ..لم تكن الصناعة ببعيدة عن الأيادي الخفية التي تحيك التغيير الخارجي ..وبقراءة الطبيعة البشرية عامة والسودانية بصفة خاصة كانت محاولة خلق ما أسميته بالمدينة الفاضله … تصوير أن كل الناس علي قلب رجل واحد..مجتمع متكافل ..عندك خت ماعندك شيل ..مصحوبا باللعب علي الأهواء والعاطفة وأحلام الشباب .. بشعارات ظاهرها الخروج بمجتمع سليم معافي قبل دولة ديمقراطية حقيقية..وباطنها دس السم في الدسم..ومما يؤكد على ذلك مايحدث الآن ..عندما ضربنا للعالم أسوأ النماذج لشعب وكيفية تعاملهم في الحروب والملمات وأوقات المحن … وعندما أقول بذلك ليس علي سبيل الحصر .. بل العموم والغالب مما يؤخذ به كمؤشر ..كثيرون كثيرون نبهوا لضرورة عدم الإنسياق وراء العاطفة فالدول لاتبني بالشعارات …وكثير من الإختبارات سقطنا فيها كشعب ..أولها الوطنية بمفهومها الصحيح وليس بمايقول به كل أحد لتبرير قناعاته .. يقيني أننا عبء ثقيل علي وطن مستهدف يستحق وعي وإدراك لحجم المؤامرة التي تحاك ضده.. فالوطن يضيع ..والإستهداف تجاوز محطة كيزان وقحاتة وفلول …والشرح يطول والمعطيات في تزايد والشواهد أم اليقين ..نسأل الله صلاح أنفسنا ..وفنائها في سبيل وطن تعصف به الأعاصير وأصبح في مهب الريح.