آخر الأخبار
اخبارك في موعدها

عبق كسلاوووي

........أشهر العجلاتية بكسلا.....

بقلم :خالد حميده
الحلقه (14)

المرحوم / عبده محمود المعروف بـ (عبده وَلِع)
أتى (عبده) من دنقلا إلى كسلا وتزوج إحدى فتياتها من قبيلة البني عامر.. وكنت أظن أنه شقيق عازف الكمان بفرقة الفنان وردي الأستاذ الراحل (على ميرغني) .. كان يشبهه إلى حد بعيد ، ولكلاهما (شلوخ) عريضة .. كانت شلوخ (عبده) تضفي عليه وقاراً وصرامة لكنه كان طيباً يصادق الجميع. ومن أقرب أصدقائه :عبدالرحيم كبير بالمجلس البلدي و عنتر بالأشغال ولاعب الميرغني السابق (السيمَت) وإبن حي الجسر تاج السر حسن حلمي الذي لعب لفريق الفلاح ثم إنتقل إلى التاكا ، وكان دائماً ما يردد أغنية الفنان صلاح بن البادية :(لو تصدق إنو عمري ، أصلو في يوم ما ابتسم) .. لم يعش السر حلمي طويلاً ليرى ابتسامة عمره فمات في شبابه.
كان (عبده) يقوم بتصليح العجلات تحت شجرة الجميزة الواقعة أمام دكان جدنا المرحوم (البشير وقيع الله) ، غرب أجزخانة كسلا الحديثة (مطعم البيك حالياً) بسوق الزبيدية. وكان أفضل عجلاتي بالمدينة ، يفعل مالا يفعله العجلاتية الآخرون . كان العجلاتي الوحيد الذي يقوم بوزن إطار العجلة إذا احتك بالكَدَر فيما يعرف بـ(وزن الطارة).
وأذكر أن صاحب إحدى الدراجات النارية (المواتر) إنشق إطار دراجته إلى نصفين في حادث اصطدام مع سيارة فأتى به إلى عبده بعد فشل من يقومون بتصليح المواتر في إصلاحه ونصحوه بشراء إطار جديد من الخرطوم . يومها تجلت عبقرية الأسطى (عبده) فطلب من صاحب الموتر لحم الإطار بلحام (سَتًلين) عند (هاشم الريح) بالمنطقة الصناعية شمال استاد التاكا . بعدها استخدم (عبده) شاكوشاً خشبياً لإعادة الشكل الدائري للإطار ثم قام بوزنه بعد ربط أسلاكه ، فعاد الإطار كما كان.
وعلى قلة المواتر أيامها كان هناك طلحة .. بابتسامته التي لا تفارقه .. يأتي قادماً من غرب القاش بموتره الكبير إلى محله بالقرب من دكان المرحوم هلاوي ، كما اشتهر المرحوم (طاهر مواتر) كواحد من أفضل الأسطوات في تصليح المواتر بالقرب من الجامع الكبير.
كان عبده من كبار مشجعي التاكا وكان يوزع البيبسي عندما تفوز التاكا على الميرغني.
ومن مواهبه أنه كان يخلط العطور بنفسه .. يشتري عطر (كافِن كافِن) من أحد أبناء الهوسا معروف بلقب (الريحة جميل) ثم يخلطه بمحلب مسحوق وكولونيا وقطرات من عطر باريسي ، ويكون الناتج عطراً فريداً لا تجد مثله في الأسواق.
وكان أيضاً مولعاً بالعلم والثقافة فكان له (أطلس العالم) يتأمل فيه كلما وجد فراغاً أثناء عمله ، كما كان له راديو ترانسستور ضبطه على إذاعة لندن .. تأتي عبره أصوات أشهر المذيعين : محمد مصطفى رمضان ، مديحة المدفعي ، ماجد سرحان ، حسام شبلاق والمذيع السوداني أيوب صديق.
وكعادة جيل ذلك الزمان كان (عبده) متأثراً بالإنجليز فكان يرتدي رداءً فضفاضاً كلما جاء إلى عمله .. ومع حبه للموسيقى فقد كان يقول أن دقات الشاكوش على العجلة تطربه وكنت أرى تناقضاً في ذلك ، غير أنني أدركت لاحقاً مغزى ما يقول حينما علمت أن أغنية (سال من شعرها الذهب) التي لحنها الموسيقار عبد اللطيف خضر (ود الحاوي) استوحي لحنها من صوت عجلات قطار إستقله من بورتسودان إلى الخرطوم. كما أن أغنية (حياتي ..حياتي) التي تغنى بها الفنان الراحل أحمد المصطفى ، استوحي لحنها من ترنيم شحاد كان يجلس أمام أحد مساجد الخرطوم ، وكان ذلك الشحاد يردد : ( الله كريمو .. الله كريمو ).
إشتهر عبده بلقب (عبده وَلِع) لأنه كان يقوم بإضاءة الأنوار الرئيسية في شوارع مدينة كسلا عند المغرب ثم يقوم بإطفائها في الصباح الباكر.
بعد قطع شجرة الجميزة التي كان يعمل تحتها إنتقل (عبده) إلى الجهة الجنوبية من (قهوة النجيلة) الواقعة جنوب غرب الطبالي القديمة وشمال دكان المرحوم (علي عمر) الذي اشتهر ببيع الخيوط والزراير والعراريق البلدية.
في تسعينيات القرن الماضي توفي الأسطى (عبده) في مستشفى كسلا بعد إصابته بمرض السكر.

لَوَن :
كانت هناك مهنة مصاحبة لتصليح العجلات وهي تأجيرها. وكانت العجلات تؤجر للصغار ليتعلموا بها القيادة كما تؤجر للكبار أيضاً.
وإيجار العجلات أنواع فهناك إيجار بالساعة ، ونصف اليوم ، وهنالك ليلية وهي أن تستأجر العجلة عند المغرب وتسلمها عند الصباح. وكان (لون) وهو من أبناء غرب القاش من أشهر الذين يقومون بتأجير العجلات. لا يناقشك كثيراً .. أهم شيء أن تكون العجلة سليمة. يتأكد من سلامة اللساتك والفرامل والجركس والرفارف ثم يأخذ أجره وينصرف.
إتخذ (لَوَن) نيمة ظليلة تجاور دكان إبراهيم السيد / في سوق الزبيدية شرق موقف التاكسي مكاناً له. وفي المساء كان يقوم بحراسة الدراجات أمام السينما الوطنية وتدفع له قيمة الحراسة بعد إنتهاء الفيلم.

تُكُر
كان تكر القادم من حي غرب القاش يقوم بتصليح العجلات بالقرب من دكان المرحوم عابدين هلاوي الواقع جنوب الطبالي القديمة بالقرب من مبنى توتوكورة سابقاً (عمارة العمدة حالياً) بوسط السوق ، ولم يكن يقصده كثير من الزبائن فترك مهنة تصليح العجلات ثم هاجر إلى السعودية وعاد منها ليعمل في مجال الديكور وتركيب الستائر.

ومن العجلاتية أيضاً : عبد الله العجلاتي ، وبابا ، وكوشه تحت شجرة بجوار الجزارة ، والمرحوم حسين أبونا ببرندة جدنا (حامد عبد الرحيم) المقابلة لدكان المرحوم السماني دمبلاب. والعجلاتي أبوطويلة جوار كشك حسن شبوب الواقع شرق مستشفى كسلا ، والمرحوم بشير جوار قهوة خيرات والذي ترك المهنة وأصبح يتاجر في قِطع غيار العجلات قبل وفاته.
هنالك أيضاً المرحوم أحمد الأستاذ الذي كان يقوم بتصليح العجلات تحت الشجرة الواقعة جوار قهوة عثمان العوض ، ويقال أنه لقب بالأستاذ لأنه كان معلماً ثم تحول إلى عجلاتي .
وخليل البوني وكان موقعه القديم جوار مكتب ترحيلات مصطفى شريف بالقرب من المجلس البلدي ثم تحول إلى الشجرة الواقعة بالقرب من قهوة المسرة سابقاً ( صيدلية سنابل الخير حالياً) وأخيراً تحول إلى شجرة الدلالة الواقعة أمام قهوة سمارة (سابقاً) والتي تقع غرب فندق أفريقيا.
ومن العجلاتية أيضاً عثمان الجاك النصري جوار الجزارة وكان يرتدي رداءً واسعاً. والعجلاتي عنتر في الوكالة الواقعة جنوب مرطبات علي نقناق ، ومحمود العجلاتي كان مكانه بالقرب من دكان أولاد الباشا ومخازن إشراقة لصاحبها الطيب الجزولي والتي تقع شرق دكان الترزي المشهور المرحوم معاذ بابكر درويش.
وعلي الباحوتي الذي يسكن جوار العركي كان مكانه في الشجر الواقع أمام دكان المرحوم أحمد السيد درويش . ومن أكثر العجلاتية أناقة إبن غرب القاش العجلاتي (سعيد) وكان محله بالقرب من الطبالي القديمة .

لم يقتصر تواجد العجلاتية على سوق المدينة الرئيسي بشرق القاش ، فقد زخر سوق غرب القاش بالعديد منهم .
فهناك (أبو الليل) – رحمه الله – جوار دكان المرحوم (يحى علي يحى). وبالقرب من مطعم صالح جنجر المجاور للجزارة كان هناك المرحوم (ثمانية) . وقريباً منه يمارس أولاد عمر العجلاتي المهنة حتى الآن . ولا يزال (أبو الروس) بالقرب من دكان وزاوية التاجر عبد الله أبشر. كما يمارس (حسب الله) المهنة بالقرب من مطعم عمر علي الشيخ .
ومن الرياضيين الذين اشتهروا بتصليح العجلات : لاعب فريق القاش السابق (حموري) والذي يمارس المهنة حتى الآن جوار مرطبات علي عبد الرحيم .
وفي حي بانت إشتهر (عبد الكريم كابتن) ولا يزال ، في آخر محطة الأكشاك . أيضاً إشتهر العجلاتي (أبو) بسوق الحيارى . أما موسى العجلاتي فقد ترك المهنة واشتغل بخياطة الملابس .

كانت تباع أسبيرات العجلات في دكان محمد علي باجابر في الشارع المتجه من نادي الميرغني القديم إلى سوق النسوان ، ودكان عبيد ابراهيم يونس شرق سوق الخضار . وكذلك دكان عمر التهامي (أستديو النيل حالياً) الملاصق لدكان النور حسن تقلاوي وكانت تصلح فيه العجلات أيضاً. وهناك دكان طاهر ناير جوار بوتيك الجوهرة مقابل دكان محمد أحمد دمبلاب بالقرب من سوق النسوان في الشارع الذي يضم دكان المرحوم الجاك قسم السيد . وفي سوق غرب القاش كان هناك دكان المرحوم الأمين بوي – رحمه الله –.
كان هؤلاء يبيعون رقعة النار والرقعة العادية والسلسيون والخابور والبٍنز والبلالي والبدالات ومفتاح الكُنة والمفتاح البلدي والمفتاح الاستاندرد وعمود الصرة وأنابيب العجلات والشحوم.

أما بائعي الدراجات الجاهزة فقد كان أشهرهم (طنيوس) الذي كان يسكن حي الميرغنية ومن أبنائه عادل ونصر طنيوس .. وكان دكانه ملاصقاً لأجزخانة كسلا الحديثة (سابقاً).

الآن ظهرت عجلات الأطفال والتي يقوم بتركيبها الشاب (جلال) وهو من قبيلة الهوسا .. يقوم بتركيبها بطلب من التجار الهنود في محله الواقع جنوب عمارة العمدة (توتوكورة سابقاً) .
وتعتبر عجلة الكوبرا هي الصيحة هذه الأيام . وقد سميت بهذا الإسم لأنها مصممة على شكل كوبرا.

أخيراً .. ( صحيح إنو الزمن غلاب) كما غنى الراحل وردي ، فقد احتلت المواتر مكان العجلات والتي غابت وغاب أصحابها.

شاركـ علـى
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.