آخر الأخبار
اخبارك في موعدها

عبق كسلاوي

بقلم : خالد حميده
الحلقه(12)

………مستشفي كسلا……
يعتبر مستشفى كسلا من أقدم المستشفيات في السودان؛ إذ تم بناؤه عام ١٩٠٥ في العهد الإنجليزي على طراز عدد من المستشفيات التي بنيت في تلك الفترة أهمها مستشفى الخرطوم المعروف .

ظل مستشفى كسلا لسنوات طويلة والى الآن المستشفى الأم الذي يقدم كافة الخدمات لأهالي الولاية في كل الحالات المرضية العادية والمستعصية وكان مستشفى ذا جودة ونظافة بأعلى المعايير العالمية حتى سبعينيات القرن الماضي واستفاد من خدماته خلال تلك السنوات عشرات الآلاف من المرضى، وأشرف عليه آلاف الكوادر الطبية من داخل السودان وخارجها .

لم يكن مستشفى كسلا مجرد مكان يقصده الناس للعلاج بل كان جزءا من نسيج المدينة الاجتماعي والرياضي والسياسي، فقد كان قبلة لكل الأسر عند زيارة قريب أو جار أو صديق، للالتقاء في عنابره، وتحت أشجاره في أنس وتعارف حينما يتحلق الناس حول العمدان القادمة من البيوت المليئة بما لذ وطاب ، نشأت وتوطدت علاقات ومصاهرات وعقدت اتفاقيات وصفقات تجارية .

وكان بالمستشفى نقابات عمالية من أجل حقوق العاملين وأسهمت في كل الحراك السياسي الذي شهدته المدينة ، ولا ننسى الندوات السياسية و التوعوية التي أقيمت في نادي الإسعاف.

كان المستشفى في عهده مضرب مثل في النظام حيث الكوادر بأزيائها المخصصة لها تجوب طرقاته في هدوء تتفقد المرضى والنظافة التي لا مثيل لها حيث يضرب بها المثل، ونتذكر تلك المقولة: عايز البيت ده يكون نضيف زي الاستبالية .

وكانت تقدم فيه وجبات للمرضى والمرافقين من المطبخ المركزي للمستشفى بها تنوع لتراعي علة كل مريض .

أما خارج اسوار المستشفى فتجد المكان يتحول لسوق كبير منذ الصباح الباكر وحتى المساء، وخاصة في فترة العصر حيث يتوافد الزوار . هنالك سائقو التاكسي .. الفريشة وبائعي الزجاج الفارغ وضاربي الرمل والمنجمين والوداعيات والمتسولين وغيرهم كثر يبحثون عن الرزق في هذا الجمع.
فكل مريض يزوره العشرات من جيرانه وأقاربه وأهله القريبين والبعيدين، وتلك الزيارة تكون في مواعيدها التي تحددها إدارة المستشفى وهي مواعيد لا استثناء فيها لأي شخص.

سقى الله تلك الأيام، وأعاد لمستشفى كسلا ألقه وأنسه ورونقه، حتى يعود سيرته الأولى؛ ليكون بمصاف المستشفيات العالمية والمرجعية، ويصبح مدينة طبية تخدم كل أهل الولاية، فمساحته وكوادره وإمكاناته البشرية قادرة على عمل ذلك، فقط تنقصنا الارادة وحتما ستكون حاضرة قريبا بحول الله.

شاركـ علـى
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.