بقلم مالك محمد أحمد
كسلا في ذلك الزمان .
في أحد أيام الخريف تم قبولي في المدرسة الميرغنية (ب) الإبتدائية غرب جامع البرهانية .
كنا قبلها لا نعرف سوى اللهو البريء .. نقضي يومنا في اللعب في ساحات حي الجسر ولا نكف عنه إلا عند غروب الشمس.
كنت ورفاقي الصغار نصنع ألعابنا بأيدينا .. صنعنا (الترتارة) من أغطية علب الألبان بعد تثبيتها بمسمار على عصاة .
ومن بقايا الصفيح والعلب الفارغة صنعنا العربات الصغيرة تتحرك بـ(كفرات) من الأحذية و(السفنجات) القديمة وربطناها بسلك متين لقيادتها . كان من أشهر صانعي تلك العربات في أيامنا : ابن عمي (ياسر محمد حامد عبد الرحيم) و(عمر السنجك) و(عباس ابراهيم محمد إدريس) .
كنا أيضاً نصنع المروحة والزمبارة من القصب ، وكان الأشقياء منا يحشون بارود الكبريت في عمود موس الحلاقة وغطاء جرس العجلة ويثبتون عليه مسماراً ثم يضربونه فيحدث صوتاً مدوياً.
لعبنا بلي الزجاج .. وكنا نطلق على المثلث الذي يوضع فيه البلي : (اللين) ، و على البلية الكبيرة : (الهيكل) ، ونردد كلمات أخرى لا أدري من أين أتت : (طيش تيرسون) و (تانكسو).
وفي أوقات أخرى كنا نلعب بلي (الفريت) من أغطية زجاج البيبسي .
وكعادة الأطفال لم نستقر على لعبة واحدة فلعبنا (الدافوري) و (أم الحفر) و (سَك سَك) و (صفرجت) و (سيجه) و(القرقور).
كنا نشتري القرقور الحجري المخطط باللون البني من كشك (أبوعجاج) بالقرب من سوق النسوان ، وكان الموهوبون منا يطلقون القرقورة عالياً لتسقط وتدور في راحة أيديهم ويسمون ذلك (مُزاكمة).
وتحت أضواء أعمدة الكهرباء كنا نتجمع ونلعب (الثعلب فات وفات) ، أو يجلس أحدنا على الأرض ويكتب رقماً ويصيح : كم في الخط ؟
فيرد أحد الواقفين : ( أمانة عليك تقطِّع إضنيك ما سبعة وتلاتين ؟ )
ويأتي الرد : كضباً كاضب ، ثم يصيح طفل آخر : (أمانة عليك تقطِّع إضنيك ما تلاتة وعشرين ؟)
وإذا تطابق الرقم صاح السائل : شِدْ واركب . ثم تبدأ المطاردة اللذيذة وسط الضحك الطفولي والمرح والإنتشاء.
في النهار كنا نحفر الأرض ونخرج (التُرتُس) – وهو فاكهة كروية مائلة للإحمرار – من تحت الأشجار الكثيفة جنوب غرب (نادي كسلا) قبالة منزل المرحوم (عبد السلام الطريفي) .
كان الطريق إلى (الترتس) شاقاً لأطفال مثلنا .. مليئاً بالشوك والضريسة وأبو اللصيق والحسكنيت ، وكان يسكنه الورل والثعابين.
أحياناً نفشل في الحصول على (الترتس) فنذهب إلى الجهة الشرقية من النادي لنقطف التمرهندي.
كنا أيضاً نتسلق سور المدرسة الأهلية الشمالي وندخل (جنينة) المدرسة ونأخذ الجوافة واليوسف أفندي والبرتقال وكان حارس الجنينة العم (ادريس) والد كل من (فاتح) والمرحوم (عميراي) يرانا ولا يسألنا.
وبالقرب من القاش نجني ثمار اللالوب والنبق ونأكل (الكعكول).
ولم نترك الحشرات في حالها .. قبضنا (أبو الحداد) وغنينا : (أبو الحداد دُق لي مرواد ، الساعة اتنين بديك قرشين) ، وربطنا (أبو الزنان) في خيط طويل وجرينا خلفه وهو محلق في الفضاء كأنه طائرة .. وكان إذا عطش أحدنا ورأي رفيقه يشرب قال له : (حَلوقك أب زنان يقطع روقك).
وصدنا الطيور بالقلوبية و(شَرَكنا) للعصافير بشرك الصفيح و(سبيب) الخيول.
وفي العصريات كانت البنات الصغيرات يلعبن (أريكا عمياء) بعد رسم مربعات على الأرض يتحاشين أن تطأ أقدامهن الخطوط المتقاطعة في تلك المربعات.
كانت ألعابنا بسيطة لكنها علمتنا الإقدام والمثابرة والثقة بالنفس ، فكنا نخرج إلى الشارع ونطارد الأغنام والكلاب والقطط ، ونشتري السكر والطحنية والجاز الأبيض والفحم من دكان المرحوم (حمودة يس صالح) ودكان (هاشم كريمة) بحي الجسر ، ونذهب أحياناً إلى دكان (الخير) المقابل لمنزل المرحوم (عبد الله الخليفة) أو دكان (أحمد حمزة) شرق نادي الميرغني القديم وفي بعض الأحيان نصل إلى دكان (أب دقن) بالقرب من ناس (فقيري) .
في ذلك الزمان لم نسمع بأطفال التوحد أو عسر النطق أو الإنطواء.
قبل يوم من بدء العام الدراسي أخذني والدي إلى صالون (مايو) الواقع في الشارع المؤدي لسوق النسوان لحلاقة رأسي.
كنت فرحاً مسروراً أنتظر الذهاب إلى المدرسة .. ليلتها نمت مبكراً يداعب خيالي شكل المدرسة والفصول وصورة الأستاذ والتلاميذ.
وفي الصباح أرتديت ، مثل رفاقي ، رداءً أزرقاً داكناً وقميصاً أزرقاً فاتحاً.. كان الترزي المرحوم (معاذ بابكر درويش) يقوم حينها بحياكة الأزياء المدرسية في كسلا.
قرع جرس الطابور ووقف التلاميذ في فناء المدرسة في صفوف ، لكل فصل موقع معروف ، ثم جاء أحد الأساتذة فأنشد التلاميذ نشيداً لم نشاركهم فيه .
بعدها مر الأستاذ على الصفوف وقام بتفتيش الأظافر ولياقات القمصان للتأكد من نظافتها.
كان يحمل معه مسطرة يصقع بها كل من أتسخ قميصه أو أظافره ، وكانت المسطرة تؤلم في فصل الشتاء.
بعد إنتهاء الطابور دخلنا الفصل وحجزت مكاناً في الكنبة الأولى مقابل السبورة والبشاورة وصندوق الطباشير .
كانت جدران الفصل مطلية باللون البيج ، أما الكنبات التي نجلس عليها والطاولات الطويلة التي ندخل فيها شنطنا فقد طليت باللون الأخضر الداكن.
جاء أحد المعلمين فوقفنا .. ألقي علينا التحية : السلام عليكم ، فرددنا بصوت واحد : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ، قال : جلوس ، فجلسنا.
ثم وزع لنا كراسات وأقلام وإستيكة بيضاء وبراية وطلب منا تجليد الكراسات بجلاد بني رقيق كان يباع في الدكاكين والمكتبات حينها . بعدها قام بتعيين (الألفة) .. كان ﺃﻃﻮﻝ التلاميذ يُعين (ألفة) للفصل لتسجيل أسماء (المهرجلين) .
ومرت الأيام وحملت الشنطة المدرسية وكانت من قماش الدمورية ، وأشترى لي أبي (إستيكة) حمراء زكية الرائحة بدلاً عن إستيكة المدرسة البيضاء .
ألفتُ المدرسة وكنت أشتاق إليها في الإجازات والعطلات .. أشتاق إلى حاجة (نورة) وهي تبيع الطعمية وسلطة الأسود غرب فصل السنة الرابعة .
وأشتاق إلى شجرة النيم أمام زاوية (فكي طه) وتحتها باعة (التسالى) وايسكريم الأكياس ، وحلاوة (حلي) ، و حلاوة (لكوم) و حلاوة (قطن) .
في ذلك العام درسنا الحروف الأبجدية .. كتبها الأستاذ على السبورة ودوناها على كراساتنا . وكان الأستاذ يُخرجنا أحياناً من الفصل لنكتب الحروف على التراب ، ومرات نكتبها بالصمغ على الورق ثم نلقي عليها قليلاً من الرمل.
إضافة إلى ذلك كنا نقوم بعمل المجسمات الطينية ثم نحرقها في النار ونلونها.
وفي أحد أيام الأسبوع كنا نأتي مبكرين قبل الطابور لنظافة الفصل والمدرسة وسقي الأشجار وكان يطلق على ذلك (النبطشية).
في ذلك الزمان كان المعلم أنيقاً في ملبسه ، وكنا نهابه ونخلي له الطريق ونقول : (من علمني حرفاً صرت له عبداً).
وكانت البنات يغنين في الأعراس : ( يا ماشي لي باريس جيب لي معاك عريس ، شرطاً يكون لبيس من هيئة التدريس) ..
ويفخر المعلمون بأن رافع علم الإستقلال الزعيم (إسماعيل الأزهري) كان معلماً يدرِس مادة الرياضيات في عطبرة ، ومن الفنانين : الراحل (محمد وردي) و(محمد ميرغني) و (حسين شندي) ، وإبن كسلا الأستاذ (حامد إبراهيم) الشهير بـ (حامد كاتا) .
لم تكن المدرسة حينها مكاناً لتعليم القراءة والكتابة فحسب ، بل كانت تعلم الحياة ، وكانوا يقولون إن الحياة مدرسة فأيقنت أن المدرسة هي الحياة.
كنا نذهب إلى المدرسة ونحن نردد :
نحن إن أشرق صبح نترك النوم ونصحو
ونحي والدينا فرضا الآباء فتح
تعلمنا تحية المدرسة :
صباح الخير مدرستي صباح الخير والنور
إليك اشتقت في أمسي وزاد اليوم تفكيري
وحفظنا أناشيد لا تزال عالقة بالذاكرة :
(علمي أنت رجائي أنت عنوان الولاء) و ( سوداننا سوداننا أرض الجدود والأب) و ( لي قطة صغيرة سميتها سميرة) و (غنمي ترعى طول اليوم وسط المرعى طول اليوم) و (عصفورتان في الحجاز حلتا علي فنن في خامل من الرياض لا ندى ولا حسن)
و(بلدتي بلدتي بهجة النظر أي منظر فيك لا يسر)
و ( أنظر أخي للنهر فيه المياه تجري .. تجري علي استمرار بالليل والنهار).
و ( يا إلهي يا إلهي يا مجيب الدعوات أجعل اليوم سعيداً وكثير الباركات).
كان المعلم يلحن تلك الأناشيد .. وأحيانا يطلب من الفصل تلحينها ، ثم يقوم بتسميعها .
في ذلك الزمان كانت المناهج تأتي من (بخت الرضا) .. وكانت الشنطة التي نحمل فيها كتبنا خفيفة على ظهورنا .. كنا نستوعب الدروس ولاننساها ولا يزال الكثير منا يحفظون أناشيد المرحلة الإبتدائية .
في تلك الأيام كانت تصرف لنا الكتب والكراسات ولبن البدرة والساردين والجبنة الرومية.
كنت أحب كتب المطالعة وقصصها ، وفيها قرأنا : (الغراب النبيه ) و (الطيور الحزينة) و(مريم الشجاعة) و (الساحر والأطفال ) و (زيدان الكسلان) و(هاشم في العيد) و (حسن والصفارة) و(الرجال البلهاء) و(كلب عبد الجليل) ، و(مسعود ذبح الخروف) و(الدجاجة الصغيرة الحمراء) وجملتها الشهيرة : (الفول فولي زرعته وحدي وحصدته وحدي وسآكله وحدي) .
وفي التاريخ درسنا قصص أجدادنا القدماء الذين سكنوا الكهوف ولبسوا الجلود واكتشفوا الآلات الحجرية وصنعوا منها النار ، ثم جاءت الزراعة والكتابة والتجارة البكماء.
درسنا في السنة الأولى الحروف والأرقام والحساب وقصار سور القرآن ، ودرسنا في السنة الثانية أشهر أناشيد المرحلة الإبتدائية : (دجاجي يلقط الحب ويجري وهو فرحان)
وفي السنة الثالثة وزع لنا (ﻛﺘﺎﺑﻲ ﺍﻻﻭﻝ) وفيه قصة (بدر وأمل) ، وطلب منا الأستاذ المحافظة عليه ليستفيد منه غيرنا ، فكنا نجلده بصفحات الجرائد والمجلات.
وفي السنة الرابعة درسنا ﻛﺘﺎﺏ (ﺍﻟﻜﺸﻜﻮﻝ) ﻭﻗﺼة ﺍﻟﻔﺎﺭ الذي ﺳﻘﻂ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﻤﺎﺭﺓ ﻭﻗﺎﻝ : ﺃﻳﻦ ﺍﻟﻘﻂ ؟
وفي ذات العام تركنا الكتابة بقلم الرصاص وصرنا نكتب بقلم الحبر.
كنا نستخدم القلم الذي كان يسمى (قلم الحقنة) بألوانه الخضراء والزرقاء والحمراء .. وكانت له مسميات أخرى هي : (قلم البرميل) و(الترمسة) و (أبو شفاطة) .. وهناك قلم آخر به أنبوبة تضغط عليها فيمتليء بالحبر.
وكان آخرون يستخدمون قلم (أبو سهم) بلونه البني وغطائه الذهبي وهو قلم غالي الثمن لم يكن يمتلكه إلا أبناء الأثرياء والمعلمين. وهناك أيضاً قلم (تروبن) الذي كان يمتلكه ناظر المدرسة.
كان الحبر ينفد أحيانا فكنا نطلب الحبر من تلاميذ آخرين ونسميها (شحدة الحبر).
أما أقلام الرصاص فكان أشهرها الـ ( 3 H) الذي كنا نرسم به في حصة (الهندسة) و قلم الـ(BH ) .
إضافة لأقلام الحبر والرصاص هناك قلم (الكوبيا) وكان يستخدمه الترزية وغسالي الملابس.
في تلك الفترة درسنا أبجديات الخط العربي .. وكان إبن السوريبة الأستاذ (عثمان) يجيد الخط والرسم فرسم على جدار مكتب المعلمين رجلاً جالساً يقرأ التشهد .. رسمه بالحروف العربية بخط الثلث ، وإذا تمعنت الكتابة لأدركت أنها كلمات التشهد : التحيات لله الصلوات الطيبات …إلخ.
كان جيلنا يعشق الخط العربي وكنا نتأمل في اللافتات المكتوبة في المحلات التجارية والوزارات في كسلا .
ومن أجمل لافتات المدينة : لافتة الدكتور (أحمد قاسم الزبير) .. كتبها إبن كسلا الفنان التشكيلي: (محمد عابدين هلاوي) .. وكانت مكتوبة باللون الأبيض على خلفية زرقاء.
ومن خطاطي المدينة حينها الحكم الدولي (معتصم محمد الحسن) والذي كتب لافتة (بنك الخرطوم) و(أجزخانة التاكا) وغيرها ، والأستاذ (الطيب الفاضل) الذي كتب لافتة (معهد التأهيل التربوي) و(حلواني افريقيا) ، والمرحوم (الطيب محمد الحسن) الذي كان يعمل في البوستة وكتب لافتة الترزي الشهير (عثمان عبد الباقي) ، ومن غرب القاش كان (محمد عبد الله) يكتب الحِكم وأسماء المسلسلات والأغاني على اللواري والبصات ويرسم نقاط الكلمات في شكل تفاحة . أما شواهد القبور فقد إشتهر بكتابتها العم (صبحي) والذي كان يجلس تحت شجرة في بلدية كسلا ، بعدهم جاء (جمال فنون) وافتتح مكانه بالقرب من كبري (حي البنك) شمال شرق موقف مواصلات المربعات.
ومرت الأيام .. وانتقلنا إلى السنة الخامسة وفيها أنشدنا لمدينة جبيت:
صحت الطبيعة فانتبه مابال عينك ناعسة
هذي جبيت وقد بدت في فتنة متجانسة.
وفي السنة السادسة رسمنا المربع والمستطيل ومتوازي الأضلاع والدائرة بالبرجل والمنقلة والمثلث وكانت علبة الهندسة تحدث رنيناً لا ينسى.
وكأنما تنبأ واضعو المنهج في ذلك الزمان بأن يؤول حالنا إلى الهجرة والإغتراب فدرسنا في نفس السنة قصيدة الشاعر (محمود سامي البارودي) :
أبيت في غربة لا النفس راضية بها
ولا الملتقى من شيعتي كثب
فلا رفيق تسر النفس طلعته
ولا صديق يرى ما بي فيكتئب
إلى قوله :
فسوف تصفو الليالي بعد كدرتها
وكل دور إذا ما تم ينقلب
درَسنا كل ذلك أساتذة أجلاء عظماء مربين لانزال ندين لهم بالفضل والامتنان ، منهم :
الناظر الأول للمدرسة المربي (عبد الجبار خريف) والناظر الثاني للمدرسة المربي (رشاد مصطفى جوجو).
ومن أبناء حي الجسر درسنا الأستاذ (معتصم قسم الله الولي) مادة الرياضيات في السنة الأولى ، وكان من مهاجمي فريق الجسر ، وفي السنة الرابعة درسنا الأستاذ ( محمد أبشر سمهن) اللغة العربية ، أما في السنة السادسة فقد درسنا الأستاذ (عصام سمهن) مادة الرياضيات و الأستاذ (حسن بابكر) مادة التاريخ.
إضافة إلى أولئك درسنا اللغة العربية في السنة الأولى الأستاذ (محجوب حاج عثمان) ودرسنا الرياضيات في السنة الثالثة الأستاذ (حسن كرار) وكان يجيد العزف على آلة الأكورديون.
ودرسنا (التربية الإسلامية) في السنة الرابعة الأستاذ (يحى مبخوت) أما في السنة الخامسة فقد درسنا الأستاذ (أسامة فكي علي) التربية الإسلامية.
ولا أنسى الأستاذ (جورج) الذي درسنا الرياضيات ، كما درس التربية المسيحية للطلاب المسيحيين ، والأستاذ (موسى) والذي كان يلعب في فريق الميرغني.
غرس فينا أولئك المربون – وغيرهم ممن لم تسعف الذاكرة بذكرهم – حب القراءة والإطلاع فكنا نقرأ الصحف والمجلات والكتب ، ومن أشهر ما قرأنا كتب (الألغاز) .. ألغاز (المغامرين الخمسة) : نوسة ولوزة ومحب وعاطف وتختخ وكلبه الأسود (زنجر) .. يساعدهم المفتش سامي في فك طلاسم الجرائم ، ويعاكسهم الشاويش (علي) – الملقب بالشاويش (فرقع) – قائلاً : (فرقعوا من وجهي).
من تلك الألغاز قرأنا : لغز (الكوخ المحترق) و (البيت الخفى) و (الشبح الاسود) و (المنزل رقم 98) و (لغز الالغاز) و (الرسائل الغامضة) و ( اللص الشبح) و ( اختفاء الخنفس) و (الوثائق السرية) ولغز (وادى الذئاب) و (وادى الملوك) و ( المهرب الدولي) و (الموسيقار الصغير) و(المدينه العائمة) و (الرجل الذى طار) و (الساق الخشبية) وغيرها .
كما قرأنا لمغامرين آخرين مثل (الشياطين الـ13) و المخبرين الأربعة : فلفل، وطارق، ومشيرة ، وخالد ، والمغامرين الثلاثة : محسن، وهادية ، وممدوح.
كان التلاميذ يشترون تلك الألغاز من مكتبات المدينة ، وكان أشهرها مكتبة المرحوم (كباشي الأمين) ومكتبة المرحوم (إبراهيم داؤد) ومكتبة (دار اليوم).
في نهاية العام الدراسي نكف عن اللعب وننصرف إلى مذاكرة دروسنا بأنفسنا.
وبعد الإمتحانات كان الآباء والأمهات ينتظرون ﺍﻟﻨﺘﺎﺋﺞ بمزيج من الأمل والتوجس.
في ذلك اليوم يأتي الأستاذ ويقوم بتوزيع النتائج في تسلسل إبتداء من أول الفصل ، وقد جرت العادة على أن نصفق للعشرة الأوائل.
كانت النتائج بيضاء اللون عليها إسم التلميذ وكانت تكتب درجات المواد بالقلم الأزرق في جدول ، وتُدوَر درجات الرسوب باللون الأحمر . وفي أسفل النتيجة ثلاثة أسطر يُعلق فيها على مستوى الطالب مثل : ممتاز في دروسه حسن الطبع .. إلخ ، كما كان يكتب : (تفتح المدرسة أبوابها في يوم …..) .. وفي آخر النتيجة توقيع المدير ومرشد الصف وختم المدرسة .
في خارج المدرسة لهفة الإنتظار .. إنتظار الآباء والأمهات لأبنائهم وسؤالهم : (جيت الكم ؟) حينها تسمع : (ولادة السرور) أو تسمع : (أصلك غير اللعب ما عندك فايدة).
الآن تغير الزمن وتغيرت الأشياء والأسماء وصار إسم مدرستي : (مدرسة الصداقة).
أخيراً لنقرأ مع الشاعر (أحمد شوقي):
قم للمعلم وفه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولا
مالك محمد أحمد