( ٢ )
* تطور النظام السياسي *
عرفت دولة إريتريا بحدودها الجغرافية السياسية الحالية بقدوم الفاشست الإيطالي إلى شواطئ البحر الأحمر كمستعمر إستيطاني أبيض منذ العام ١٨٩٠م حيث أعلنها مرسوم الفاشست مستعمرة إيطالية وجزء سيادي من أراضيها .. سبقت الإستعمار الإيطالي حضارة عدوليس وممالك الطراز الإسلامي كما حكمت أجزاء من إريتريا من قبل مملكة اكسوم الحبشية وخضعت معظمها لحكم مملكة البلو التي إمتد حكمها لشرق السودان، كما خضعت أجزاء منها للحكم المصري ممثلا للخلافة العثمانية .
بعد إستقرار الحكم للإيطاليين وإستخدام الشباب الإريتري كوقود في الحربين العالميتين الأولى والثانية ووراثة الإنجليز حكم إريتريا بعد هزيمة الفاشست الإيطالي في أربعينيات القرن العشرين، ظهرت حركة سياسية قوية ونشاط عمالي محموم ببروز أحزاب سياسية قوية ومنظمات مجتمع مدني وصحافة حرة مثلت تقدما فكريا سياسيا راقيا بمعايير تلك الفترة مما شكل أساسا متينا للبناء السياسي وتطور النظام السياسي الإريتري، ظل الحراك السياسي والإجتماعي والثقافي ممتدا وبزخم كبير في الفترة من العام ١٩٤٢م وحتي العام ١٩٦٢م عندما أنزل الإمبراطور الإثيوبي هيلي سيلاسي العلم الإريتري و أبدله بالعلم الإثيوبي في مؤسسات الدولة الفيدرالية إيذانا ببدأ الإستعمار الإثيوبي لإريتريا ، وكان قرارا أمميا قد صدر في العام ١٩٥٠م قضى بربط إريتريا فيدراليا بإثيوبيا تنفيذا لقرار تصفية المستعمرات الإيطالية .
يتضح من السرد السريع أعلاه التطور الطبيعي لنظام الحكم السياسي بتنوع الفاعلين فيه من بطالمة وبلميين وأحباش واوروبيين وغيرهم مما كان له من أثر قوي في إثراء التجربة السياسية الإريترية وتراكم الخبرات المتنوعة إلا أن تجربة سياسية ثورية كان لها القدح المعلي في بلورة الوعي السياسي والإجتماعي والثقافي وهو موضوعنا القادم بإذنه الواحد الأحد .